العولمة والهوية الثقافية - AN OVERVIEW

العولمة والهوية الثقافية - An Overview

العولمة والهوية الثقافية - An Overview

Blog Article



إن مفهوم الثقافة من المفاهيم التي لم تقتصر على تعريف واحد وموحد بل أعطيت لها تعاريف متعددة كان أبرزها أن الثقافة هي جميع السمات الروحية والفكرية والقومية التي تميز جماعة عن أخرى، وهي شاملة لطرائق الحياة والتفكير والتقاليد والمعتقدات والآداب والقيم والبعد التاريخي باعتباره عامل جوهري في مفهوم الثقافة.

لا شك أن الانفتاح على الآخر قد أصبح واقعًا، لا يمكن تجاهله؛ وذلك لأن الثقافة بمختلف مكوّناتها الفنيّة والأدبيّة والبصريّة والسمعيّة هي أجمل وأثمن ما تمتلكه شعوب العالم, وهي الصناعة العصريّة الناعمة التي أثبتت فاعليتها في التسويق للشعوب والأمم على مرّ العصور. وقد قيل: «إن الثقافة هي الشيء الوحيد الذي يبقى عندما ننسى كل شيء آخر». وعليه فإن الحفاظ على المكونات الثقافية للبلدان وتعزيزها أصبحا ضرورة ملحّة في زمن العولمة؛ فالهوية الوطنية التي ننطلق منها للتعريف بأنفسنا أمام العالم هي في الأساس هُوية مختزلة بعمق في الإنتاج الثقافي المحليّ قديمًا وحديثًا ومستقبلاً.

أن الموقف برمته يدعونا إلى تنبيه مفكرينا والمسئولين في وزارات الخارجية، والتربية، والثقافة، والشؤون الاجتماعية، خاصة إدارات المؤتمرات والمنظمات الدولية إلى الأهتمام بالمشاركة الأيجابية في العمل الدولي والتعبير من خلاله عن ثقافة وقيم الدول التي يمثلوها، والمتابعة المبكرة لما يجري الأعداء له في مطابخهم حتى لا نفاجأ بمثل ما حدث في المؤتمرات المشار إليها.

يزعم الباحث الأقتصادي والأجتماعي الألماني أندري غوندر فرانك أن العولمة ظهرت في شكل من أشكالها منذ أن توطدت العلاقات التجارية بين السومريين وحضارة وادي السند في الألفية الثالثة قبل الميلاد. وُجدت هذه العولمة القديمة في العصر الهلنستي، عندما كانت المراكز التجارية المتحضرة تتمركز حول الثقافة اليونانية التي امتدت من الهند في الشرق امتدادًا إلى إسبانيا في الغرب، بما في ذلك الإسكندرية التي أنشئها الإغريق ومدنها الأخرى.

تسعى العولمة إلى خلق نظام عالمي نموذجي وموحد لا يقبل التمايزات ولا الخصوصيات (مذهب واحد ونهائي على الصعيد العالمي)،  بينما تتميز الهوية الثقافية بخصائص التفرد والتعدد والاختلاف، فهناك ثلاث نماذج من الهويات الثقافية:

الهوية القومية، بهذا المعنى الذي شرحه نديم البيطار، هي هوية نسبية وتاريخية يحققها شعب ما عنن طريق تفاعل أو علاقته الجدلية مع التاريخ، وليست موروثة من جوهر ثابت متأصل فيه. إنها، بحسبه، ليست ردا فطريا وغريزيا، بل هي نتيجة استجابات نعانيها عن طريق النشأة الاجتماعية. وبالفعل، فقد ابتعد الفكر الاجتماعي الحديث، في العقود القليلة الماضية عن المفهوم الميتافيزيقي للهوية القومية، بعد ان اعتبر أن خصوصيات أي شعب هي نتائج عوامل نور الامارات التاريخ الديناميكية، من احتكاك ثقافي، وحروب، وهجرة، واختراعات، وأزمات، وصراعات اجتماعية، وسياسية وتصورات إيديولوجية وغيرها من العوامل المتحولة عبر التاريخ، والتي جعلت من الهويات كيانات متحولة ومتغيرة.

التأثير اللغوي: استعمال بعض اللغات الغربية (الفرنسية، والانجليزية) كلغات رسمية في مرافق الإدارة والاقتصاد، استعمالها في وسائل الإعلام والاتصال، وفي المقررات الدراسية، وكلغات للتخاطب اليومي ...

وإن النتاجات الثقافية لمكان ما مهما اختلفت تنسجم مع قواعد بناء مشتركة تمثّل بنى عقلية متحدة، "فالثقافات الإنسانية هي بمنزلة تنوع على موضوع واحد، فكلها متساوية ولها القيمة الثقافية عينها"، وبهذا يصبح مفهوم المشاركة في ظل التنوع الثقافي الذي يحدث في المدينة مدخلًا رئيسًا يؤثر بصور مباشرة وغير مباشرة على الهوية المحلية أو الثقافية العامة للمجتمع، وذلك التأثير يمكن أن يحدث التوازن والجودة المطلوبة لتقدم المجتمع ورفعة شأنه وسط بقية المجتمعات، ويحدث ذلك بشرط وجود الانسجام بين الفئات المتنوعة في ثقافتها وهويتها، وقد ذكر الباحث عبد الهادي أعراب في مقال على لسان المنظّر الاجتماعي والجغرافي دافيد هارفي "إن الحق في المدينة… لا يستقيم من دون الانتفاع الكامل والتام من المدينة واحترام التنوع الثقافي من غير إقصاء، وحماية التاريخ والهوية والثقافة هي إطار عمل مشترك للمواطنين في تحديد تنمية البيئة الحضارية وتطويرها"، ويتطلب مفهوم التعايش السلمي في المجتمعات المتنوعة عنصرين مهمين هما القبول والاحترام، ويعني ذلك فهم أن كل شخص فريد، وأنه يجب الاعتراف بهذه الاختلافات الفردية، أيًّا كان شكل هذه الاختلافات ذات الصلة بالأبعاد المختلفة مثل العرق والعمر والوضع والحالة الاجتماعية والاقتصادية والقدرات البدنية والمعتقدات الدينية وما إلى ذلك، ومن ثمّ هناك حاجة إلى استكشاف هذه الاختلافات في بيئة آمنة وإيجابية".

وهو ما أدى إلى العودة القوية لثوابت الهوية الثقافية، نتيجة الشعور بالإحباط من العولمة وما تحمله من قيم للحداثة ومحاولة نقدها والبحث عن خيارات جديدة في التراث وفي الدين.

شهر الصحفي ثوماس ل. فريدمان مصطلح «العالم المسطح» مجادلًا بأن التجارة المعولمة، والتعهيد، وسلاسل التوريد، والقوى السياسية غيرت العالم بشكل دائم، سواءً كان ذلك للأفضل أم الأسوأ.

كانت التجارة عبر طريق الحرير عاملًا هامًا في تطور الحضارات من الصين وشبه القارة الهندية وفارس وأوروبا وشبه الجزيرة العربية، وهو ما أتاح بداية التفاعلات السياسية والأقتصادية طويلة المدى. وعلى الرغم من أن الحرير كان بالتأكيد هو العنصر التجاري الرئيس من الصين، فقد أُتجر في سلع شائعة أخرى مثل الملح والسكر، وانتقلت أيضًا الأديان والفلسفات التوفيقية والتكنولوجيات المختلفة والأمراض على طول طرق الحرير.

ويعدّ تسارع الدول لتسجيل تراثها الثقافي والحضاري في منظمة اليونسكو العالمية مثالاً جليًّا على الوعيّ بأهمية الثقافة في توثيق المكانة الثقافية والفكرية عالميًّا.

الفصل الخامس: سبل الاستفادة من العولمة للحفاظ على الهوية.

خامسها: مواجهة مساوئ العولمة بالتعليم والتدريب والتثقيف والتحصين ورفع الكفاءة وزيادة الإنتاج ومحاربة الجهل وخفض معدلات الأمية المرتفعة عند المسلمين.

Report this page